الفرق بين الأخلاق والتربية:
الأخلاق نوع من التربية، وهي بمعنى اكتساب خلق وحالة وعادة، غير أن هناك فرق بين التربية والأخلاق، إن التربية تشير إلى مفهوم التنمية والبناء فقط ومن وجهة نظر التربية لا يوجد فرق في كيفية التربية، ولأجل أي هدف هي، أي أنه في مفهوم التربية لم تقحم القداسة كي نقول: إن التربية معناها تنمية الشخص بنحو يتمكن معه من الحصول على خصائص ترفعه عن مستوى الحيوان، بل إن التربية الروحية تربية أيضاً، وهذه الكلمة تطلق على الحيوانات أيضاً، فبالإمكان تربية كلب أعم من أن يربى ليكون سلوكه جيداً مع صاحبه، وليكون حارساً للماشية من خطر الذئب، أو لحراسة البيت، فكل هذه الأمور تربية، إن هذه الجيوش التي تشكلها أغلب الدول الاستعمارية من الجناة الذين يدربون على الإجرام، بنحو لا يتورعون معه من ارتكاب أية جريمة ويمتثلون كلّ أمر من دون أن يفكروا فيه، إنّ هذا العمل تربية أيضاً، وأمّا في مفهوم الأخلاق فقد لوحظت القداسة، ولذا لا تستخدم كلمة الأخلاق في الحيوانات، فمثلاً لو أنّهم قاموا بتربية حصان فلا يقال لهم: أنّهم علموه الأخلاق.
إنّ الفعل الخلقي ليس له معيار واحد يرتضيه الجميع، أي أنّ كلّ عقيدة وبحسب رؤيتها الكونية ترى الفعل الخلقي بشكل مختلف عما تراه عقيدة أخرى يعتقد البعض أنّ الفعل الخلقي فعل ينبع من وجدان الإنسان، والوجدان موجود في فطرة كل شخص، وهذا صحيح إلى حدّ ما:
(فألهمها فجورها وتقواها). [الشمس: الآية، 8].
إن الذين يفكرون تفكيراً مادياً يمكن القول بأنهم قد حطّوا القيم الأخلاقية كثيراً، وقد سمّي عصرنا (عصر تزلزل القيم) أي العصر الذي لا يكون فيه معنى للقيم الأخلاقية، إذ أنّ القيم التي كانت ملاكاً للأخلاق قد اندثرت.
هناك العديد من الأفعال التي تعتبر أفعالاً خلقية، كالإيثار، فعندما يكون الشخص بحاجة إلى شيء ويشعر بأنّ هناك شخصاً آخر بحاجة إليه أيضاً فإنه يقوم بتقديمه على نفسه، وحب الآخرين الذي يكون مبنياً على حب الغير لا على أساس حب الذات، وغيرهما من الأفعال التي يمكن أن نطلق عليها اسم (الأخلاق).
معنى القيم في التربية الإسلامية:
يعرف علماء الاجتماع والتربية القيم بأنها: محكات ومقاييس نحكم بها على الأفكار والأشخاص والأشياء والأعمال والموضوعات والمواقف من حيث حسنها وقيمتها والرغبة بها، أو من حيث سوئها وعدم قيمتها وكراهيتها، أو في منزلة معينة ما بين هذين الحدين.
وتتحدد منزلة القيم في حياة الفرد والمجتمع طبقاً للثمن الذي يقدمانه من الوقت والمال والنفس، ويعتمد مستقبل أي مجتمع على القيم التي يختارها أكثر من اعتماده على تقدم التكنولوجيا. وإن علماء اليوم يركزون على دور الدين كمصدر للقيم الإنسانية، فقد انتقد ثيودور روزاك التربية والعلم المجردين من القيم و وصفها بالانتقاصية ـ أي إن السمة المميزة للعلم الحديث هي الانتقاص من مكانة الإنسان والكون والحياةـ . فالتربية تحتاج أن تبدو على الأقل كجهد يستهدف إخراج الإنسان الفاضل وتنمية الحياة الفاضلة والمجتمع الفاضل.